الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
118277 مشاهدة
الابتلاء يكشف معدن الإنسان من حيث الصدق والكذب

...............................................................................


وهكذا الذين صَدَّقُوا بما أخبر الله تعالى في الدار الآخرة من الجزاء على الأعمال الصالحة من الجنة والنار, ونعيم هذه, وعذاب هذه, حملهم هذا التصديق على أن تحملوا المشاق, وعلى أن صبروا على الابتلاء والامتحان الذي نالهم في ذات الله تعالى, فكان هذا هو السبب في أن تحملوا المشاق, وأن صبروا على الابتلاء لما أنهم عذبوا في مكة استغرب بعضهم، أنزل الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ لماذا؟ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أي: أن الابتلاء لأجل أن يظهر من عَلَم الله صدق إيمانه, ومَنْ علم كذبه في إيمانه, أو مَنْ علم ضعف الإيمان في قلبه, ومن علم قوة الإيمان.
ولذلك قال الله تعالى في آية أخرى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ فهكذا أخبر الله أنه يبتليهم، فالذي يكون ضعيف الإيمان إذا أصابه خير ورزق وصحة وسعة بال وأمن واطمئنان بقي على ما هو عليه, فإذا ابتلي وأصابته فتنة ومرض وموت قريب أو نحوه وفقر وفاقة وعذاب وحبس وضيق ونحو ذلك انقلب على عقبه, ارتد عن ما هو عليه, وكذّب بما هو عليه, وسب ما جاء به أو ما يعمله, وادّعى أن دخوله في الإيمان سبب لشقائه وما أشبه ذلك.
لا شك أن هذا هو السبب في امتحان الله تعالى بعضَ الناس عندما يكون الإيمان ضعيفا.